بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين محمد بن عبدالله
أما بعد :-
من هم عشاق الحور وطلاب دار السرور؟
إنهم الذين عقدوا صفقة مع ربهم ليجاهدوا في سبيله لتكون كلمة الله هي العليا وليكون الدين كله لله فهم قد باعوا أنفسهم وأموالهم لله في تلك الصفقة مقابل ثمن معلوم هو الجنة :وهو ثمن لا تعدله السلعة ولكنه فضل الله ومنه
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ... التوبة /111
ولاشك ا ن الذين بايعوا هذه البيعة وعقدوا هذه الصفقة هم صفوة مختارة ذات صفات مميزة ..منها ما يختص بذوات أنفسهم في تعاملها المباشر مع الله في الشعور والشعائر ،ومنها ما يختص بتكاليف هذه البيعة في أعناقهم من العمل خارج ذواتهم لتحقيق دين الله في الأرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام على حدود الله في أنفسهم وفي سواهم :
التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ... التوبة /112
ومن أعظم تلك الخصال وارفعها درجة ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله وبذل الروح والنفس خالصة لله والمؤمن كلما زاد إيمانه اشتد طلبه للجنة والنعيم وازداد عشقاً للحور العين وعظم اشتياقه للوصول الى ترك الديار ،ومجاورة الحبيب المصطفى في الجنة دار القرار ،وقد كان السلف الصالح رضوا ن الله عليهم يرغبون بعضهم البعض بذكر ذلك النعيم المقيم ،ليزدادوا بما عند الله تعالى رغبة ، ويكثر بتلك المذاكرة عملهم ، وسأذكر بعض النماذج لعشاق الحور وطلاب دار السرور لعلها تكون دافعاً محركاً لبعض القلوب التي لازالت تنبض بالحياة والحركة في أيام السكون والهمود ،فتكون حافزاً لهذه القلوب لمزيد م الجد والاجتهاد في طلب دار الآخرة ،والسعي لنيل الرضا الذي لاسخط بعده أبداً والنعيم الذي لا ينفذ والخلود الذي لا ينقضي .
وصف الحور العين :-
خلقت من نور ونشأت في ظلال القصور ،ومع الولدان والحور ،في دار النعيم والسرور ،والله لا يجف دم الشهيد حتى تلقاه وتستمع بشهود نورها عيناه ،حوراء عيناء ،جميلة حسناء ،بكر عذراء ،كأنها الياقوت ،لم يطمثها انس قبله ولاجان ،كلامها رخيم ، وقدها قويم ،وشعرها بهيم وقدرها عظيم ،جفنها فاتر ،وحسنها باهر ،وجمالها زاهر ، ودلالها ظاهر ،كحيل طرفها،جميل ظرفها ،عذب نطقها ، عجب خلقها ،حسن خلقها ، زاهية الحلي ،بهية الحلل، كثيرة الوداد ، عديمة الملل ،قد قصرت طرفها على زوجها ، فلم تنظر سواه،وتحببت إليه ،بكل ما وافق هواه ،لو برز ظفرها لطمس بدر التمام ،ولو ظهر سوارها ليلا لم يبق في الكون ظلام ،ولو بدأ معصمها لسبى كل الأنام ، ولو تفلت في البحر المالح عاد كأعذب الماء.
كلما نظر إليها ازدادت في عينه حسناً ،وكلما جالسها زادت الى ذلك الحسن حسناً تجري الشمس في محاسن وجههااذا برزت ،ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت ،ويرى وجهه في صحن خدها ،كما يرى المرآة التي جلاها صيقلها ،ويرى مخ ساقها من وراء اللحم ولا يستره جلدها ولا عظمها ولاحللها لو اطلعت على الدنيا لملأت مابين السماء والأرض ريحاً،ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلاً وتكبير اً وتسبيحاً ،
ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا ومافيها ، لا يفنى شبابها ،ولا تبلى ثيابها ،ولا يخلق ثوب جمالها ،كلما نظر إليها زوجها ملأت قلبه سروراً ،وكلما حدثته ملأت أذنيه لؤلؤاً منظوما ومنثورا ،وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا.
وإن سألت عن السن فأتراب في اعدل سن الشباب ،وان سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس والقمر ،وان سألت عن الحدق فأحسن سواداً في أصفى بياض في أحسن حور ،وان سألت عن اللون فكأنه الياقوت والمرجان .
وان سألت عن حسن الخلق فهن خيرات حسان ،اللاتي جمع لهن بين الحسن والإحسان ، فأعطين جمال الباطن والظاهر فهن أفراح النفوس وقرة النواظر ،فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها ،وإذا انتقلت من قصر الى قصر قلت :هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها ، وإذا حاضرت زوجها فيا لحسن تلك المحاضرة ، وان غنت فيا لذة الإبصار والأسماع قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها احد قط إن مما يغنين به : نحن الخيرات الحسان ، أزواج قوم كرام، ينظرون بقرة أعيان ، وان مما يغنين به : نحن الخالدات فلا نمتنه ، نحن الآمنات فلانخفنه ، نحن المقيمات فلانظعنه )رواه الطبراني في الصغير )1_259/-260)ورجاله رجال الصحيح
